2 قراءة دقيقة
مادة ( ع و ذ) - نسخ

 المطلب الأول : الاستعاذة في اللغة:

الجذر اللغوي للاستعاذة هو الفعل " عـَ وَ ذَ " ، وهو أصل صحيح يدل علي معني واحد وهو الالتجاء إلي الشئ ، وألحق به كل شئ لصق بشئ أو لازمه، فيقال: لكل أنثي إذا وضعت "عائذ" لملازمة ولدها إياها وملازمتها له. لكل الظباء الحديثات النتاج "عُوذٌ" لما سبق. لكل ساقط متحات من الورق "عواذ" ومثله أراذل الناس لالتجائهم إلي الأرض. للرقية "معاذ وتعويذ" لالتجاء المَرْقي إليها. وتقول "أعوذ بالله" أي ألجأ إليه تبارك وتعالي عوذا وعياذا ، وكذلك معاذ الله وأستعيذ بالله، إذا طلبت الالتجاء إلي الحق تبارك وتعالي والاحتماء به من كل ما يهددك، أو تخاف منه. 

المطلب الثاني : الاستعاذة في القرآن الكريم:ورد لفظ الاستعاذة في القرآن الكريم بمشتقاته المختلفة سبعة عشر مرة (17 مرة) كما يلي:أ- "أعوذ" في سبعة مواضع: 

  • " قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ"       البقرة آية 67
  • "قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ"      هود 47
  • " قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا"       مريم 18
  • "وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ"            المؤمنون 97
  • " وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ"          المؤمنون 98
  • " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ"             الفلق 1
  • " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ"             الناس1   

 ب - "أعيذها" في موضع واحد: 

  • فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"                آل عمران 37 

 ج - "عذت" في موضعين: 

  • " وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ"  غافر27
  • " وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ" الدخان 20

            د - "فاستعذ" في أربعة مواضع: 

  • " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"     الأعراف 200
  • " فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" النحل 98
  • " إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ  إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ  فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ  إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"  سورة غافر آية56.
  • " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" سورة فصلت آية 36.

        هـ - "يعوذون" في موضع واحد : 

  • " وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا" سورة الجن آية 6

  و - "معاذ" في موضعين: 

  • " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون" سورة يوسف آية23
  • " قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ" سورة يوسف آية 79.


المطلب الرابع : موارد الروح : بعد مطالعة مسيرة لفظة(الاستعاذة) في القرآن الكريم نستطيع بعون الله وهدايته أن نسجل ما يلي: 1- بداية مباركة..أن نهتدي لقيمة الاستعاذة بالله واللجوء إليه والاحتماء به في حياتنا الروحية، إذ إن الحياة لا تخلو من المخاوف التي تنتاب الإنسان من عدو يعلمه أو لا يعلمه، أو من حال سيئة يخاف أن تورثه العنت والإرهاق. فهو محتاج دائما إلي ركن شديد يركن إليه، يؤمنه من مخاوفه ويقيله من عثراته، وهنا ياتي القرآن ليهديه السبيل ويرشده إلي الطريق.. إذا أوجست نفسك خيفة من مخلوقات غيبية لاتعلم عنها شيئا فاستعذ بالله فلن يصيبك مكروه مما تحذر. إذا خفت علي نفسك أو علي أحد من أحبتك من الشيطان وأذاه فاستعذ بالله منه ولن يصيبك منه أبدا ما تكره. إذا خفت علي نفسك من خلق سئ أو حال سوء أن يورثك أحدها عنتا وإرهاقا،فاستعذ بالله وسيغير الله أحوالك واخلاقك إلي أجمل مما تحب. إذا خفت علي نفسك من عدو يمكر بك ويدبر لك الشر ويتربص بك الدوائر فاستعذ بالله منه وسيصرفه الله عنك بل وسيجعل كيده في نحره وتدبيره في تدميره. وينبغي عليك أن تؤمن إيمانا جازما أن مواضع الاستعاذة بالله في القرآن تحمل في طياتها قوانين ووعودا إلهية بحمايتك وإنجائك، لاشك في ذلك،وإن ما يُطمئن قلبك لهذا قول النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه :"أنا عند ظن عبدي بي .... ولئن استعاذني لأعيذنه". 2-الاستعاذة بالله تعالي ليست كلمة ينطقها اللسان وفقط ولكنها قبل ذلك حالة يأس من كل الأسباب المخلوقة، يشعر معها العبد بفقره وتجرده من الحول والقوة، فلا يجد له ملجأ يلجأ إليه إلا الله تعالي ، فإليه السبب الذي لا ينقطع وفيه الرجاء الذي لا يخيب، ومن ثمّ يلجأ إليه محتميا بحماه، مرددا من اعماق قلبه الكلمة الربانية المليئة بأسرار الأمل والقوة.."أعوذ بالله". 3-التعوذ بالله القوي الجبار جل في علاه إنما هو في الحقيقة حالة إفلاس من كل الأسباب الأرضية التي قد يتمسك بها الإنسان . 3-بتأمل حياة النبي صلي الله عليه وسلم نري أن ديدنه كان التعوذ بالله في جُلّ أحواله وغالب أوقاته، 

  •  
  •